/ دعارة وإسلام وأردوغان
عبد الرحيم التوراني
للمرأة التركية حضورها القوي والحيوي في المجتمع التركي، تاريخ البلد يحفل بأسماء نساء لعبن أدوارا حاسمة في تطور المجتمع وتقدمه عبر التاريخ، والحركة النسائية التركية استطاعت أن تحقق مكاسب لا يستهان بها لصالح النساء التركيات، فضلا عما حصلن عليه بفضل الثورة الكمالية بزعامة أتاتورك، كمنع التعدد مثلا.
في المطارات تصادف تركيات يعملن في الجمارك وفي سلك الشرطة أو في شركات النقل الجوي وتوابعها. في الشارع تشاهد نساء من مختلف الأعمار، يتمتعن بنضارة وجمال مميزين، يلبسن آخر صيحات الموضة، ولن تستطيع تمييزهن عن مثيلاتهن في روما ولندن وباريس وغيرها من عواصم الغرب المتقدم. في صيف غشت الحارق تتحرر أغلبهن من ثقل الملابس، فترتدين ما خف منها، شورت قصير جدا يكشف الساقين والفخذين، وتي شيرت بلا أكمام مفتوح على الظهر ومشروح على الصدر، والصرة شاهدة.
أغلب ما تنتجه شركة التبغ في تركيا وما يستورد من سجائر يذهب إلى رئات النساء، هن الأكثر إقبالا على التدخين في تركيا، بدرجات تزيد عن الرجال، حتى المتحجبات يمشين في الشارع والسجائر بين شفاههن وأصابعهن. أما النارجيلة فمستهلكوها أساسا من الذكور.
مشهد فتاة أو امرأة مع رجل متشابكي اليدين أو واقفين يتعانقان أو يتباوسان، أو حتى يحتضنان بعض، مشهد مألوف وعادي وطبيعي ولا يثير اهتمام المارة والعابرين في الشارع.
وقد تذكرت خبرا قرأته في صحيفة عربية في التسعينيات، عن زوج تستقبله زوجته في مطار الكويت بقبلة قادته معها إلى مخفر بوليس المطار، حيث تم تحرير محضر اتهام بإتيان فعل فاحش أمام الملأ.
بل تذكرت خبرا جديدا تناقلته المواقع على شبكة الانترنت قبل شهر رمضان المنفرط فقط، حين قبل شخص امرأة في شارع مدينة بجنوب المغرب، فوجد نفسه في قسم المستعجلات، بالرغم من أن المستفيدة من القبلة هي زوجته وأم ولده. وحكاية ” الصاية” أو المني جوب في انزكان بالمغرب أيضا ليست ببعيدة.
لكن المظهر الخارجي للمرأة في تركيا لا يمكنه أن ينسي العنف الذي تتعرض له نساء تركيا من لدن الرجال والأزواج، وهو عنف في تزايد مضطرد حسب تقارير المنظمات النسائية والحقوقية. كما أن مبدأ المناصفة هنا ليس في المتناول.
وإن كنت لم ألاحظ خلال زيارتي أي تحرش بالنساء رغم إفصاحهن عن ممتلكاتهن بسخاء وافر، لا في الشارع ولا في محطات الميترو والترامواي.

لكن الدعارة في تركيا مقننة وتحت الرعاية الحكومية، العاهرة لها بطاقة وتخضع للمراقبة الصحية المستمرة. ودور الدعارة المرخص لها تزيد عن أربعة آلاف ماخور يشغل ما يزيد عن خمسمائة ألف عاملة جنس. كما أن هناك دور دعارة خارج القانون تستفيد منها عناصر الشرطة الفاسدة التي تتلقى رشاوى من طرف أصحاب تلك الدور.
وهناك عاهرات تشتغلن لحسابهن الخاص، ومنهن من تعرض بضاعتها في الشارع، وقد تزايد عدد المنتشرات في شوارع المدن الرئيسية بعد موت أكبر قواد إرميني في تركيا قبل عام.
هذا الوضع سانح لعمل شبكات الدعارة المافيوزية التي تستغل النساء والفتيات الفقيرات، كما أن اللاجئات السوريات يقعن تحت طائلة هذا الاستغلال المريع، ولا يدفع لهن مقابل بيع لحمهن سوى ما يقل عن عشر دولارات، وأحيانا يحصلن فقط على مساعدات وأكل، خصوصا إذا علمنا أن جلهن متسللات إلى تركيا ولا يمتلكن أوراقا.
يحدث هذا في عهد حكومة ترفع شعارات إسلامية، ورئيس الدولة يحمل المصحف بيمناه ويزعم أن الله وملائكته معه، حين حصل على أغلبية أصوات الناخبين، وحين نجاه الله من المحاولة الانقلابية في الشهر الماضي. وهو نفس الرئيس الذي يفتح حدود تركيا أمام المرشحين للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية داعش، في الوقت الذي يحلم فيه بالجلوس على عرش الأسلاف وإحياء أمجادهم من خلال إعادة امبراطورية الخلافة العثمانية.
في القرن التاسع عشر سميت امبراطورية الباب العالي ب” الرجل المريض”، ويبدو أن أردوغان اختصر اليوم في شخصه هذا الرجل المريض. ومرضه من النوع الموصوف بالعضال، لا ينفع معه علاج، أكيد ليس العلاج بيد العسكر.
اسطنبول

دعارة وإسلام وأردوغان
عبد الرحيم التوراني
للمرأة التركية حضورها القوي والحيوي في المجتمع التركي، تاريخ البلد يحفل بأسماء نساء لعبن أدوارا حاسمة في تطور المجتمع وتقدمه عبر التاريخ، والحركة النسائية التركية استطاعت أن تحقق مكاسب لا يستهان بها لصالح النساء التركيات، فضلا عما حصلن عليه بفضل الثورة الكمالية بزعامة أتاتورك، كمنع التعدد مثلا.
في المطارات تصادف تركيات يعملن في الجمارك وفي سلك الشرطة أو في شركات النقل الجوي وتوابعها. في الشارع تشاهد نساء من مختلف الأعمار، يتمتعن بنضارة وجمال مميزين، يلبسن آخر صيحات الموضة، ولن تستطيع تمييزهن عن مثيلاتهن في روما ولندن وباريس وغيرها من عواصم الغرب المتقدم. في صيف غشت الحارق تتحرر أغلبهن من ثقل الملابس، فترتدين ما خف منها، شورت قصير جدا يكشف الساقين والفخذين، وتي شيرت بلا أكمام مفتوح على الظهر ومشروح على الصدر، والصرة شاهدة.
أغلب ما تنتجه شركة التبغ في تركيا وما يستورد من سجائر يذهب إلى رئات النساء، هن الأكثر إقبالا على التدخين في تركيا، بدرجات تزيد عن الرجال، حتى المتحجبات يمشين في الشارع والسجائر بين شفاههن وأصابعهن. أما النارجيلة فمستهلكوها أساسا من الذكور.
مشهد فتاة أو امرأة مع رجل متشابكي اليدين أو واقفين يتعانقان أو يتباوسان، أو حتى يحتضنان بعض، مشهد مألوف وعادي وطبيعي ولا يثير اهتمام المارة والعابرين في الشارع.
وقد تذكرت خبرا قرأته في صحيفة عربية في التسعينيات، عن زوج تستقبله زوجته في مطار الكويت بقبلة قادته معها إلى مخفر بوليس المطار، حيث تم تحرير محضر اتهام بإتيان فعل فاحش أمام الملأ.
بل تذكرت خبرا جديدا تناقلته المواقع على شبكة الانترنت قبل شهر رمضان المنفرط فقط، حين قبل شخص امرأة في شارع مدينة بجنوب المغرب، فوجد نفسه في قسم المستعجلات، بالرغم من أن المستفيدة من القبلة هي زوجته وأم ولده. وحكاية ” الصاية” أو المني جوب في انزكان بالمغرب أيضا ليست ببعيدة.
لكن المظهر الخارجي للمرأة في تركيا لا يمكنه أن ينسي العنف الذي تتعرض له نساء تركيا من لدن الرجال والأزواج، وهو عنف في تزايد مضطرد حسب تقارير المنظمات النسائية والحقوقية. كما أن مبدأ المناصفة هنا ليس في المتناول.
وإن كنت لم ألاحظ خلال زيارتي أي تحرش بالنساء رغم إفصاحهن عن ممتلكاتهن بسخاء وافر، لا في الشارع ولا في محطات الميترو والترامواي.

لكن الدعارة في تركيا مقننة وتحت الرعاية الحكومية، العاهرة لها بطاقة وتخضع للمراقبة الصحية المستمرة. ودور الدعارة المرخص لها تزيد عن أربعة آلاف ماخور يشغل ما يزيد عن خمسمائة ألف عاملة جنس. كما أن هناك دور دعارة خارج القانون تستفيد منها عناصر الشرطة الفاسدة التي تتلقى رشاوى من طرف أصحاب تلك الدور.
وهناك عاهرات تشتغلن لحسابهن الخاص، ومنهن من تعرض بضاعتها في الشارع، وقد تزايد عدد المنتشرات في شوارع المدن الرئيسية بعد موت أكبر قواد إرميني في تركيا قبل عام.
هذا الوضع سانح لعمل شبكات الدعارة المافيوزية التي تستغل النساء والفتيات الفقيرات، كما أن اللاجئات السوريات يقعن تحت طائلة هذا الاستغلال المريع، ولا يدفع لهن مقابل بيع لحمهن سوى ما يقل عن عشر دولارات، وأحيانا يحصلن فقط على مساعدات وأكل، خصوصا إذا علمنا أن جلهن متسللات إلى تركيا ولا يمتلكن أوراقا.
يحدث هذا في عهد حكومة ترفع شعارات إسلامية، ورئيس الدولة يحمل المصحف بيمناه ويزعم أن الله وملائكته معه، حين حصل على أغلبية أصوات الناخبين، وحين نجاه الله من المحاولة الانقلابية في الشهر الماضي. وهو نفس الرئيس الذي يفتح حدود تركيا أمام المرشحين للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية داعش، في الوقت الذي يحلم فيه بالجلوس على عرش الأسلاف وإحياء أمجادهم من خلال إعادة امبراطورية الخلافة العثمانية.
في القرن التاسع عشر سميت امبراطورية الباب العالي ب” الرجل المريض”، ويبدو أن أردوغان اختصر اليوم في شخصه هذا الرجل المريض. ومرضه من النوع الموصوف بالعضال، لا ينفع معه علاج، أكيد ليس العلاج بيد العسكر.
اسطنبول
تعليقات
إرسال تعليق