الانقسامات السياسية التركية فريسة الدولة الإسلامية وروسيا

الانقسامات السياسية التركية فريسة الدولة الإسلامية وروسيا

10 آذار / مارس 2016
سونر چاغاپتاي

بعد أن حقق حزب العدالة والتنمية انتصارًا في الانتخابات النيابية في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 2015 التي نال فيها 49.5% من الأصوات، أثبت عن دوره القيادي في نظامٍ ذي حزبٍ مسيطر على غرار حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي يحكم جنوب أفريقيا منذ العام 1994. إلّا أنّ المؤتمر الوطني الأفريقي لا يزال يتمتّع بشعبيةٍ تتخطى 60% من شعب بلاده، خلافًا لحزب العدالة والتنمية الذي لا تتخطى شعبيته نصف الشعب التركي، في حين يعارض النصف الآخر أجندته السياسية بشراسة وتلك الخاصة بزعيمه الرئيس رجب طيب أردوغان.
وفي انقسام الشعب التركي بين مناصرٍ لحزب العدالة والتنمية ومعارضٍ له، قد بدأت الدولة الإسلامية في استغلال هذا الشعب من جهة اليمين، لتقابلها روسيا بالمثل من جهة اليسار. وتشكّل هذه الدينامية تحدّيًا للاستقرار الداخلي التركي وسيتطلّب من الولايات المتحدة الأمريكية اتخاذ خطواتٍ ذكية وحذرة في صنع مواقفها السياسية.
لمحة تاريخية: ازدهار حزب العدالة والتنمية
انتقلت تركيا إلى النظام الديمقراطي المتعدد الأحزاب من خلال انتخاباتٍ حرة وعادلة في العام 1950، وكان يضم هذا النظام حتى العقد الأخير أربعة أركان سياسية أساسية وهي: حزب اليمين المعتدل وغالبًا ما يكون في الحكم، وحزبٌ قومي من اليسار المعتدل وغالبًا ما يكون في المعارضة، وحزبان أصغر حجمًا يمثّلان الأطراف القومية المحافِظة والإسلامية، وغالبًا ما يتحالفان مع كتلة اليمين المعتدل.
وفي هذا الاصطفاف، لطالما ناصرت كتلة اليمين المعتدل اقتصاد السوق الحر والسياسات الخارجية المؤيدة للغرب والفصل المعتدل للدين عن السياسة. أمّا كتلة اليسار المعتدل المتمثلة في تركيا العلمانية التي بناها مصطفى كمال أتاتورك، فلطالما دافعت عن الفصل القاطع بين الدين والسياسة، وعن سياسة عدم التدخل في شؤون الشرق الأوسط.
أمّا بالنسبة للكتل الأصغر، فيُعتبر القوميون المحافظون من مناصري الفصل المعتدل بين الدين والسياسة. وفي الحرب الباردة، تحالفوا مع الولايات المتحدة ضد عدو الأتراك التاريخي، روسيا. إلّا أنّ القوميين المحافظين، ومنذ انتهاء الحرب الباردة، باتوا من المعادين العلنيين للولايات المتحدة والغرب.
وروّجت الكتلة الإسلامية من جهتها إلى السياسات الخارجية المعادية للولايات المتحدة اعتبارًا منها أنه على تركيا أن تكون قوّةً مسلمةً مستقلةً تجذب القوة من أصولها العثمانية عوضًا عن الانطواء أمام الغرب. أمّا من الجانب السياسي، فلطالما سعى الإسلاميون إلى دورٍ أوسع للمسلمين السنّة في السياسة والسياسات الخارجية والتعليم.
وبين العامين 2001 و2002، انهارت أحزاب اليمين المعتدل وسط أسوأ أزمةٍ اقتصادية شهدتها البلاد في التاريخ المعاصر. ونشأ على أثرها حزب العدالة والتنمية الذي تمكّن من جمع أشلاء الكتلة الإسلامية والكتل الأكبر التابعة لليمين المعتدل. ووصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة بحصوله على 34.3% من الأصوات في العام 2002، ليجمع بذلك ضعف الأصوات التي نالها سلفه الإسلامي حزب الرفاه.
لفهم النجاح المستمر لحزب العدالة والتنمية
يساعد هذا الاصطفاف بين اليمين المعتدل والإسلاميين على فهم القوّة المستمرة لـ حزب العدالة والتنمية في الانتخابات. فقد فاز أردوغان في أربعة انتخاباتٍ متتالية منذ العام 2002 بالأسلوب التالي: في ظلّ غياب حزبٍ يميني معتدل قادر على منافسة حزب العدالة والتنمية، يميل الناخبون الأتراك المناصرون لليمين المعتدل إلى اليمين، وتحديدًا إلى حزب العدالة والتنمية. ففي العام 2007 مثلًا، ارتفعت أصوات حزب العدالة والتنمية إلى 46.6%، وفي العام 2011 إلى 49.8%، لتثبت على نسبة 49.5% في الانتخابات المبكرة التي سبق ذكرها، باستثناء انخفاضٍ إلى 40.9% في 7 حزيران/يونيو. وعلى افتراض عدم وجود حزبٍ يميني معتدل قادر على منافسة حزب العدالة والتنمية، سوف يبقى هذا الأخير المتباري الأهم على الساحة السياسية.
وقد ساهمت كل من التنمية وحسن الحوكمة في الحفاظ على نجاح حزب العدالة والتنمية المتواصل. إن إحدى الدلائل على نجاح تركيا هي انخفاض نسبة وفيات الأطفال. فعندما استلم الحزب الحكم في العام 2002، كانت نسبة الوفيات 28 من أصل 1000، على غرار سوريا ما قبل الحرب. أمّا اليوم، فقد أصبحت نسبة وفيات الأطفال 12 من أصل 1000، على غرار إسبانيا. ويستمر حزب العدالة والتنمية ومؤسسه أردوغان في الفوز في الانتخابات لأن الاقتصاد في نمو مستمر وكذلك مستوى المعيشة لدى الشعب التركي. وعلى الرغم من تباطؤ الاقتصاد التركي البسيط في الآونة الأخيرة، لا يزال الشعب التركي يتمتع بخدماتٍ صحيةٍ وتعليمية أفضل من تلك التي سبقت حكم حزب العدالة والتنمية، ما يسهم في الحفاظ على شعبية الحزب.
حزب العدالة والتنمية في وجه الأحزاب المسيطرة في الخارج
وعند انتهاء هذه المدة البرلمانية المؤلفة من أربع سنوات، سيكون حزب العدالة والتنمية قد حكم تركيا لمدة 17 عامًا، وهي أطول مدة حكم لحزبٍ ديمقراطي منتخَب في تاريخ البلاد. وتكون قيادة أردوغان – أوّلًا كرئيس وزراء واليوم كرئيسٍ للجمهورية- قد تخطّت قيادة أتاتورك، الرئيس المؤسس لتركيا الذي حكم البلاد من العام 1923 حتى العام 1938. والأهمّ أنّ الانتصار الأخير لحزب العدالة والتنمية خير دليلٍ على قوّة نظام السيطرة الحزبية في تركيا، على غرار نظام المؤتمر الوطني الأفريقي كما سبق وذكرنا، وحزب الكومينتانغ في تايوان الذي حكم طوال فترة الحرب الباردة، والحزب الثوري المؤسساتي الذي حكم المكسيك من العشرينات حتى الثمانينات. وقد وصلت كل من هذه الأحزاب الثلاثة إلى السلطة إثر تنمياتٍ ثورية التي حصدت لهم شعبيةً هائلة. وروّجت هذه الأحزاب أيضًا لرؤيتها التحويلية لمجتمعاتها، معتبرةً أنّ ولايتها الشعبية المستمرة تدعو إلى حكم الأكثرية.
وعلى الرغم من الاختلافات السياسية، يمكن تصنيف المؤتمر الوطني الأفريقي وحزب الكومينتانغ والحزب الثوري المؤسساتي كأحزابٍ مسيطرة تملك الغالبية الشعبية في مجتمعاتٍ ما بعد الحرب. فمنذ الوصول إلى الحكم عام 2002، عزل حزب العدالة والتنمية المؤسسات الكمالية عن حكم الدولة، مبتعدًا عن أوروبا ومسقطًا الحواجز بين الدين والتعليم والسياسة التي كان قد بناها أتاتورك في العشرينات والثلاثينات. وفي كانون الأول/ديسمبر 2014، أصدر المجلس التركي للتعليم العالي، وهو جهة تابعة للدولة، اقتراحات سياسةٍ تطرح إعطاء الدروس في تعليم الإسلام السني في المدارس الرسمية منذ عمر الست سنوات. ويعكس هذا النوع من الاقتراحات الغرائز الثورية لدى حزب العدالة والتنمية داخل قالب حزبٍ مسيطرٍ حسب نظام الأكثرية. ولعلّ أفضل وصفٍ لحكم حزب العدالة والتنمية هو بالثورة البطيئة والصامتة والنامية بشكلٍ مستمر.
إلّا أنّ حالة تركيا تختلف عن الأمثلة الأخرى للأحزاب المسيطرة في أمرٍ واحدٍ وأساسي. حازت الحركات في جنوب أفريقيا والمكسيك وتايوان عل 60% من الأصوات على الأقل، وغالبًا ما تكون الأرقام أعلى بكثير. فضلًا عن أنّ الانتخابات لم تكن حرة وعادلة دائمًا، أقلّه في المثال الثالث. أمّا بالنسبة للأرقام، فلطالما حاز المؤتمر الوطني الأفريقي على 60 إلى 70 في المئة من الأصوات منذ العام 1994. أمّا والحزب الثوري المؤسساتي فجمع باستمرار من 70 إلى 98 في المئة من الأصوات بين العامين 1929 و1982، في حين جذب حزب الكومينتانغ 60 إلى 90 في المئة من الأصوات بين العامين 1969 و1989.
لم تحقَّق هذه الأرقام الهائلة في تركيا، حيث يُعتبر أنّ الانتخاب يكون حرًّا وعادلًا بشكلٍ عام. وجمع حزب العدالة والتنمية، كما سبق وذكرنا، بين 34.3 و49.8% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأربعة التي أجريت من العام 2002 إلى العام 2015. وتعكس هذه الأرقام الانقسام في تركيا بين مساندي الحزب ومعارضيه. ونظرًا لسيطرة الحزب الانتخابية المحدودة مقارنةً مع المؤتمر الوطني الأفريقي وحزب الكومينتانغ والحزب الثوري المؤسساتي، قد يُعتبر حزب العدالة والتنمية أشبه بأحزابٍ مسيطرة أخرى في مجتمعاتٍ "منقسمة" أخرى حزب العمال الديمقراطي الاشتراكي السويدي والحزب الليبرالي الديمقراطي الياباني. ففي السويد، حافظ حزب العمال الديمقراطي الاشتراكي السويدي، كونه الحزب المسيطر من العام 1932 حتى العام 1973 على نسبةٍ تتراوح بين 30 و50% من الأصوات ووصل إلى نسبة 53.8% في العام 1940. كذلك حافظ الحزب الليبرالي الديمقراطي الياباني على دعمٍ تمثّل بنسبة 36 إلى 50% من الأصوات بين العامين 1958 و1993 ووصل إلى قمّة شعبيته في العام 1963 عندما نال 56% من الأصوات. وحكم كلّ من الحزبين على أساس بناء التوافق، مع الأخذ بعين الاعتبار الانقسام الجاري في مجتمعيهما. إلّا أنّ حزب العدالة والتنمية يميل إلى استبعاد التوافق من أجل فرض قوّة حكم الأكثرية، على الرغم من أنّه يعمل في مجتمعٍ منقسمٍ مشابه.
جهود الدولة الإسلامية وروسيا في المناورة     
نظرًا إلى علاقة تركيا المتوترة بالدولة الإسلامية وروسيا، تعرِّض البنية السياسية التركية، التي يسيطر عليها حزب العدالة والتنمية، البلاد إلى المزيد من الانقسام واحتمال العنف بين الصفوف المساندة والمعارِضة للحزب، أي بين فريقين مدعومين من الدولة الإسلامية وروسيا تباعًا.
ففي الواقع، قد بدأت الدولة الإسلامية باستغلال هذا الانقسام عبر أربع عمليات انتحارية: في 5 حزيران/يونيو 2015 في ديار بكر؛ في 20 تموز/يوليو 2015 في سوروج؛ في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2015 في أنقرة؛ وأحدثها في 12 كانون الثاني/يناير 2016 في ساحة السلطان أحمد في إسطنبول. وفي العمليات الثلاثة الأولى، استهدفت الدولة الإسلامية تحركاتٍ معارضة من تنظيم الأكراد المعارضين للحكومة وناشطي السلام واليساريين والعلويين. وفي هذه العمليات التي أدت إلى مقتل 139 شخصًا وجرح أكثر من 600، أظهرت الدولة الإسلامية تركيزًا استراتيجيًا على التحركات والمواطنين المعارضين للنظام بغية إلحاق الضرر بالمعارضة. وكان 86 شخصًا من قتلى عملية أنقرة الـ 102 من الطائفة العلوية التي تشكّل 10 إلى 15% من الشعب التركي بكامله. حتى في الهجوم الانتحاري في ساحة السلطان أحمد، أظهرت الدولة الإسلامية وعيًا استراتيجيًا يستهدف منطقةً – المدينة القديمة- تعجّ بالمساجد والمحالّ التجارية والمطاعم، لكن يقلّ فيها الأتراك ويكثر السّيّاح. ففي الواقع كان الضحايا الـ 11 في عملية كانون الثاني/يناير من سيّاحًا من الجنسية الألمانية.
وإذا كانت استراتيجية الدولة الإسلامية تستهدف معارضي حزب العدالة والتنمية بحقّ، فقد تشهد تركيا في المستقبل عملياتٍ انتحارية أخرى ضد الأجانب والعلويين والأكراد واليساريين والاشتراكيين والليبراليين. وقد يعزز هذا الانتقاء النظر إلى التنظيم على أنه يعفي مساندي حزب العدالة والتنمية الذي يشكل نصف الشعب التركي، وبالتالي الحكومة التركية. ومن تداعيات هذه الظاهرة تأجيج الغضب في صفوف الأتراك المعارضين من حزب العدالة والتنمية وسياساته وازدياد حدّة المحاولات لإظهار ضعفهم وتفاقُم الانقسام المحلي.
وحيث أنّ الدولة الإسلامية قادرة على الاستمرار في شنّ الهجمات على الأهداف المعارضة، سوف يقوم الروس بالعكس- واضعين تركيزهم علنًا على أعضاء حزب العدالة والتنمية وممتلكاتهم. وقد كانت هذه سياسة الكرملين منذ إطلاق النار الذي أسقط طائرةً روسية تحلّق في المجال الجوي التركي في 24 تشرين الثاني/نوفمبر. ففي 28 تشرين الثاني/نوفمبر على سبيل المثال، عزمت روسيا انخراط ابن أردوغان في تجارة النفط مع الدولة الإسلامية. وشكّلت هذه الاتهامات غصنًا تعلّقت به الصفوف المعارضة واعتبرتها إثبات. ولا شكّ في أنّ تعاطف المعارضة التركية مع روسيا- ومعاداتها لحكومة أردوغان- واضحة، على سبيل المثال في الاتهام الذي وجهه النائب في حزب الشعب الجمهوري المائل إلى اليسار، والذي قال فيه إنّ حزب العدالة والتنمية يساعد الدولة الإسلامية في إدخال الأسلحة الكيميائية إلى سوريا. وقام إيرديم بهذا التصريح في 14 كانون الأول/ديسمبر في مقابلةٍ مع وكالة الأنباء التابعة للحكومة الروسية "روسيا اليوم".
وفي الوقت عينه، مدّت روسيا يد المساعدة للمعارضة الكردية في تركيا، إذ دعت صلاح الدين دميرطاش، قائد حزب الشعوب الديمقراطي الداعم للأكراد، إلى موسكو في 23 كانون الأول/ديسمبر. وخلال زيارة دميرطاش لروسيا، انتقد هذا الأخير الحكومة التركية لإطلاقها النار على الطائرة الروسية. أمّا من الجهة السورية، فقد بدأت روسيا بتأمين الأسلحة لحزب الاتحاد الديمقراطي، وهو حزبٌ حليفٌ لحزب العمال الكردستاني المسيطر على الأراضي السورية طوال الحدود التركية، ما يشكّل تهديدًا للسلطات التركية.
مكان واشنطن في هذه المعادلة
ويعود بنا الانقسام التركي الحالي بين يمينٍ ويسار إلى أحداثٍ مروّعة من السبعينات، عندما اندلعت حربٌ أهلية بين اليسار المتطرف المدعوم من الاتحاد السوفيتي والفصائل القومية التابعة لجناح اليمين المتطرف، أودت بحياة الآلاف في الشوارع. ومع استهداف الدولة الإسلامية للأتراك المعارضين ودعم روسيا لهم، قد تؤدي جهود الدولة الإسلامية وروسيا لاستغلال الانقسام التركي إلى زعزعة السلم الأهلي، وهذه المرة بين يمينٍ متطرفٍ يغلب فيه الإسلاميون ويتّسم براديكالية الدولة الإسلامية من جهة، ويسارٍ متطرّفٍ يسيطر عليه حزب العمال الكردستاني وحلفائه- حتى لو لم يبلغ التوتر مستويات السبعينات.
أمّا من منظار حزب العدالة والتنمية للسياسة الخارجية، وعلى الرغم من التحديات المزدوجة التي يفرضها نظام الأسد- والتي تسعى أنقرة إلى إبعادها منذ العام 2012- ومن الوجود الشرس للدولة الإسلامية طوال حدودها مع سوريا والعراق، لا يزال الحزب يرى تركيا كقوّةٍ إقليميةٍ مستقيلة، تُوائم الغرب أو تخاصمه بحسب الحاجة.
ففي الواقع، تركيا قادرة على دمج ميولها اليميني المتوسط إلى التعاون مع الغرب بالمقاومة الإسلامية لهذا التعاون. فتشكّل تركيا حليفًا أساسيًا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، خصوصًا في سياق حرب الولايات المتحدة على الدولة الإسلامية. لذلك يمثّل الوضع السياسي الحالي في تركيا معضلةً حقيقية لواشنطن. ومع انقسام المجتمع التركي من المنتصف، سوف تظهر توتّراتٍ جديدة على الرغم من ثبات نظام السيطرة الحزبية. ومن هذا المنطلق، يتعين على الولايات المتحدة التركيز على التخفيف من هذه التوترات من أجل المساهمة في تعزيز الاستقرار في دولةٍ حليفةٍ لا غنى عنها.
المصدر: معهد واشنطن
..................

فرض الحراسة القضائية على صحيفة "زمان" التركية

05 آذار / مارس 2016
اسطنبول-بوابة الهدف
قررت محكمة الجزاء السادسة في إسطنبول الجمعة، فرض حراسة قضائية على صحيفة "زمان" التركية المعارضة للرئيس رجب طيب اردوغان.
وجاء القرار بطلب من المدعي الجمهوري في اسطنبول، وبعد اتهام الصحيفة بالترويج لما يعرف "بالتنظيم الموازي" المصنف على قائمة التنظيمات الإرهابية في تركيا، في إشارة الى جماعة "الخدمة" التي أسسها ويتزعمها فتح الله غولان ألد خصوم أردوغان.
وتشن الحكومة التركية منذ عامين حملة ضد شركات تجارية ومؤسسات إعلامية متهمة بتمويل التنظيم أو الترويج له إعلامياً.
هذا واقتحمت الشرطة التركية مقر الصحيفة بعد ساعات من إعلام المحكمة وضع الجريدة تحت سيطرة الدولة، وذلك مساء الجمعة، وأطلقت قنابل الغاز على المحتجين الذين تجمعوا خارج المبنى.
جدير بالذكر أن السلطات التركية كانت قد وضعت يدها في أكتوبر الماضي على مجموعة "إيبيك" القابضة المقربة من جماعة غولن والتي تضم عدة وسائل إعلامية.
.............
 

بايدن يناقش مع نتنياهو المساعدات الأمنية والعلاقات التركية

08 آذار / مارس 2016
فلسطين المحتلة- بوابة الهدف
من المتوقع أن يصل بعد ظهر اليوم الثلاثاء نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، في زيارة هي الأولى منذ 6 سنوات، باستثناء مشاركته في تشييع جثمان رئيس حكومة الاحتلال الأسبق ارئيل شارون.
وبحسب موقع صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية، فإن هدف الزيارة هو إقناع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بالتوقيع على مذكرة تفاهم تضمن مساعدات أمنية للاحتلال للسنوات العشر القادمة، بالإضافة إلى تطوير العلاقات بين الاحتلال وتركيا، كاستبدال للاتفاق الذي تم التوقيع عليه في العام 2007.
وجاء في الصحيفة أن بايدن يوسف يحاول إقناع نتنياهو بالتوقيع على المذكرة خلال ولاية باراك أوباما، وعدم انتظار الرئيس القادم.
وكانت قد ظهرت خلافات كبيرة بين الطرفين خلال الفترة الأخير، حيث طالب الاحتلال بزيادة المساعدات الأمنية بذريعة مواجهة "التهديدات المتصاعدة" نتيجة الاتفاق النووي مع إيران، في حين أن الولايات المتحدة على استعداد لتقديم 5 مليار دولار للسنوات العشر القادمة، بالإضافة إلى المساعدات السنوية التي تصل قيمتها إلى 3.1 مليار دولار، فإن الاحتلال يطالب أن تكون الزيادة 10 – 15 مليار دولار.
وأضافت الصحيفة أنه "بنظر الأمريكيين فإن حقول الغاز الطبيعي قبالة السواحل الإسرائيلي تشكل محفزاً لإقامة مثل هذه الكتلة، كما يتوقع أن يناقش بايدن مع نتنياهو مسألة استغلال الغاز الطبيعي"، بالإشارة لكتلة تحالف ما بين تركيا والولايات المتحدة والاحتلال، مقابل محور إيران سورية حزب الله.
بعد لقاء بايدن مع رئيس دولة الاحتلال الأسبق شمعون بيرس، ونتنياهو ورؤوفين ريفلين، من المتوقع أن يجتمع مساء الأربعاء مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله.

تعليقات

  1. مهدي كاكه يي مستقبل الكيان التركي (1)
    أزمة الهوية و الإنتماء

    تواجه تركيا الكثير من المشاكل التي تهدد وجودها ككيان سياسي في المنطقة. إنّ بعضاً من هذه المشاكل لها جذور تأريخية تعاني منها تركيا منذ أن نزح الأتراك من بادية الصين الى منطقة الشرق الأوسط، حيث إستوطنوا و إستقروا فيها و من ثم أقاموا الإمبراطورية العثمانية على أوطانٍ تعود لشعوب عاشوا فيها منذ فجر التأريخ. كما أن القسم الآخر من هذه المشاكل هي عبارة عن مشاكل تتعلق بأزمة الهوية و الإنتماء و إنتشار الفكر العنصري بين الأتراك و التأخر الإقتصادي و العلمي و العداء التركي مع جيرانها و شعوب دول المنطقة و قضية عدم الإعتراف بحقوق الشعوب و القوميات و الأديان و الطوائف العائشة ضمن الكيان التركي و تقييد حريات المواطنين الأتراك و عدم إحترام حقوق الإنسان و العيش في أحلام الإمبراطورية العثمانية و بروز بيئة ملائمة لنمو الفكر الإسلاموي وتعشعش المنظمات الإسلامية الإرهابية و إزدهارها في تركيا.

    إن الأتراك يجدون أنفسهم غرباء في المنطقة و يعيشون على أراضٍ تأريخية تعود للكورد و الأرمن و اليونانيين و البلغاريين و يفتقدون الى جذور تأريخية و ثقافية و حضارية تربطهم بالأرض التي يعيشون عليها و تشدّهم الى الشعوب الساكنة في المنطقة. لهذا السبب و لأسباب ثقافية و دينية و مذهبية و سياسية و إقتصادية، فأنهم يجدون أنفسهم وحيدين محاطين من كل الجهات ب"الأعداء"، من قِبل الشعوب الكوردستانية و اليونانية و البلغارية و الأرمنية و العربية و الفارسية. هذه الأسباب تجعل الأتراك قلقين، يشعرون بشكل دائم بأن وجودهم مهدد في المنطقة ككيان سياسي و هذا ما يدفعهم الى التلويح بالقوة و تهديد الغير و الإستيلاء على أراضي الآخرين و العمل على تقييد الحريات و الحد من الممارسات الديمقراطية في البلاد كوسيلة لضمان الأمان و الإطمئنان النفسي على إستمرارية الوجود و مواصلة البقاء.

    من جهة ثانية، تجد تركيا نفسها تفتقد الى الإنتماء، حيث أنها تائهة لا تعرف هل أنها دولة أوروبية أو تركية أو إسلامية أو شرق- أوسطية أو تنتمي الى الدول المطلة على البحر الأسود! هذه مشكلة حقيقية تؤرق الأتراك و تهدد الكيان التركي في المنطقة، لغربتهم عنها و لضياعهم بين إنتماءات عديدة، لا تتوفر فيهم شروط الإندماج في إحداها و كسب هوية محددة و إنتماء معيّن ينقذهم من الضياع و المستقبل المجهول.

    العداء التأريخي و الحضاري و الديني و التباين الثقافي بين الأتراك و الأوروبيين بالإضافة الى العامل الإقتصادي، من العوامل المهمة التي تقف حجر عثرة أمام تركيا في طريقها الى الإتحاد الأوروبي، حيث أن الأتراك قد إحتلوا العديد من البلدان الأوروبية في عهد الدولة العثمانية. الإختلاف الديني بين تركيا المسلمة و أوروبا المسيحية عقبة كبيرة أخرى أمام حصول تركيا على عضوية الإتحاد الأوروبي، حيث أن الكمالية التي أصبحت شعاراً ونهجاً للحكم التركي، فشلت في خلق مجتمع علماني في تركيا. يقتصر الفكر الكمالي في الوقت الحاضر على مدينة أنقرة و بعض المدن الأخرى، بينما لا زال القرويون و الريفيون محتفظين بثقافتهم الإسلامية و خير دليل على ذلك هو تسلّم الإسلاميين الحكم في تركيا بأغلبية ساحقة من الأصوات في الإنتخابات البرلمانية التي تم إجراؤها في السنين الأخيرة. لذلك فأن عضوية تركيا في الإتحاد الأوروبي سيهدد الأمن الوطني الأوروبي من خلال إنتقال إرهابيين مسلمين أتراك الى أوروبا بحرية وبشكل قانوني وقيامهم بعمليات إرهابية هناك. كما أنه بسبب التخلف الإقتصادي التركي وتدّني المستوى المعيشي للأتراك، فأنه في حالة إنضمام تركيا الى الإتحاد الأوروبي، فأن الملايين من الأتراك سيهاجرون الى الدول الأوروبية ويشكّلون عبئاً إقتصادياً كبيراً على هذه الدول.

    ردحذف
  2. تابع مهدي كاكه يي مستقبل الكيان التركي (1)
    أزمة الهوية و الإنتماء
    بحكم الموقع الجغرافي لتركيا و كون غالبية شعبها مسلمون و الثقافة الإسلامية و الشرقية للشعب التركي، فأن تركيا تجد نفسها جزءاً من منطقة الشرق الأوسط و المجتمعات الإسلامية، حيث أنها عضوة في منظمة المؤتمر الإسلامي. عوامل عديدة تعرقل تكامل تركيا مع محيطها في المنطقة. من أسباب ضعف الوشائج التركية مع بلدان المنطقة هو إنقطاع التواصل التركي مع شعوب الشرق الأوسط منذ تأسيس تركيا الحديثة، حيث إتجهت نحو الغرب بإنتهاجها نظاماً علمانياً غربياً و محاولتها القضاء على الثقافة و العادات و التقاليد الإسلامية و العمل على تبنّي الثقافات الأوروبية و التي نتجت عنها ضعف العلاقات الثقافية و السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية بينها و بين دول المنطقة و المجتمعات الإسلامية. كما أن عضوية تركيا في الحلف الأطلسي، ربطتها سياسياً و عسكرياً بالعالم الغربي. العداء التأريخي بين الأتراك و شعوب المنطقة، و خاصة العرب و الكورد و الفرس هو عامل آخر يلعب دوره في التنافر بين الأتراك و هذه الشعوب، حيث تعرضت هذه الشعوب للإستعمار التركي خلال حكم العثمانيين و عانت هذه الشعوب من مظالم و بطش و تنكيل و تجويع و حروب لا نهاية لها على أيدي الأتراك.

    ردحذف
  3. مستقبل الكيان التركي (2) مهدي كاكه يي

    في الحلقة السابقة، تم التطرق الى أزمة الهوية والإنتماء التي تواجهها تركيا و التي تُشكّل إحدى العوامل المهمة التي تهدد تركيا ككيان سياسي. في هذه الحلقة تتم مواصلة تشخيص عوامل أخرى قد تساهم في تغيير الخارطة السياسية الحالية لتركيا و الذي يتمخض عنه تحرر إقليم شمال كوردستان وإستعادة اليونان وأرمينيا لأراضيها المُغتصَبة من قِبل تركيا.

    العنصرية
    يتم تلقين الطفل التركي، منذ صغره في المدارس بالأفكار العنصرية و يتم تعليمه ترديد عبارة (يكون سعيداً مَن يكون تركياً!!). هذا الفكرالعنصري الذي يتشبع به الإنسان التركي، يجعله لا يعترف بحق الآخر غير التركي في الوجود. من نتائج هذه الآفة الشوفينية هي إنكار الأتراك لحقوق الشعوب والقوميات الأخرى في تقرير مصيرها، بل ينكرون وجودها و يعتبرون هذه الشعوب و القوميات أتراكاً، كما هو الحال مع الكورد في الشمال الكوردستاني الذين يُطلق عليهم إسم "أتراك الجبال". هذه العقلية العنصرية أكسبت الشخصية التركية العنف و العدوان و رفع شعار إخضاع الشعوب و القوميات الأخرى بكل الوسائل و منها إستخدام العنف و القوة.

    العلمانيون و الإسلاميون
    إن الإسلام السياسي لا يؤمن بالديمقراطية و تداول السلطة لأنه يحمل فكراً شمولياً، و دخوله معترك السياسة و التظاهر بقبول النظام الديمقراطي ما هو إلا وسيلة للإنقضاض على الحكم و من ثم فرض أفكاره البدائية على الشعوب التي يحكمها. بعد تسلّم حزب العدالة و التنمية الإسلامي الحكم و إستمراره في السلطة لسنين عديدة، بدأ الحزب يحاول تطبيق القوانين الإسلامية في تركيا، مثل إرتداء النساء للحجاب و تشجيع الناس على الإمتناع عن تناول المشروبات الكحولية و غيرها، حيث أن الفكر الإسلامي السياسي يستغل المبادئ الديمقراطية لإستلام الحكم و ينتهز الفرص المناسبة لفرض نفسه على المجتمع. الصراع بين الإسلاميين و العلمانيين، سيؤثر سلباً على الحياة السياسية و الإقتصادية لتركيا و يُؤدي الى حالة من الفوضى و عدم الإستقرار و بالتالي يقود الى إضطراب الحياة السياسية و التأخر في التنمية الإقتصادية و الإجتماعية و يُضعف مقومات الأمن القومي التركي.

    الديمقراطية و حقوق الإنسان
    إن إنتشار المبادئ الديمقراطية و مبادئ حقوق الإنسان و حرية التعبير و الفكر و الصحافة، يُشكّل تهديداً جدّياً لإستمرار الكيان السياسي التركي، حيث أن نمو وعي الشعب الكوردي و القوميات الأخرى و كذلك الطوائف الدينية غير المسلمة مثل العلويين و الإيزيديين و غيرهم، و الطوائف الإسلامية غير السُنّية، مثل الشيعة الذين تبلغ نفوسهم في تركيا أكثر من ثلاث ملايين نسمة، و عيش هؤلاء في ظل حكم ديمقراطي حر، سيقود الى المطالبة بالتمتع بحريتهم و حقوقهم و بالتالي إستقلال شمال كوردستان و فقدان الأتراك السُنّة لمقاليد الحكم، الذي يتربعون عليه منذ الحكم العثماني الى الآن.

    ردحذف
  4. مستقبل الكيان التركي (2) مهدي كاكه يي -تابع-

    من جهة أخرى فأن القيادات السياسية التركية عاجزة عن الوقوف بوجه إنتشار المبادئ الديمقراطية و مبادئ حقوق الإنسان و حقوق الشعوب و القوميات و الأقليات الإثنية و الدينية و المذهبية في عصرنا الحاضر، عصر العولمة.

    التغييرات العالمية و الإنجازات العلمية جعلت من كوكبنا مجرد قرية صغيرة يتواصل و يتفاعل سكانها مع البعض. هذا الواقع المستجد يعطي زخماً كبيراً لمنظمات المجتمع المدني و المنظمات الإنسانية و الدينية المدافعة عن حقوق الشعوب و كرامة الإنسان و عملَ و يعمل على تقوية نفوذ و دور الرأي العام العالمي و المحلي في التأثير على القرارت العالمية المتعلقة بحقوق الشعوب و القوميات و الطوائف الدينية و المذهبية و الأفراد، و تحسين الظروف السيئة اتي تعيش فيها. كما أنّ هذه التطورات العالمية منحت دوراً محورياً للإعلام و الصحافة للتأثير على الأحداث و كشف الواقع السئ الذي تعيش في ظله الشعوب و القوميات و الأقليات المضطهدة و واجب الدفاع عن حقوقها. هذه الثورة الإنسانية تعمل أيضاً على تسهيل إيصال صوت الشعوب و الأفراد المضطهدة و المستعبدة الى العالم لإنصافها و تحريرها من الإستعباد و إنقاذها من الظلم و الإضطهار و القهر.

    العولمة و ثورة المعلومات و الإتصالات أزالت الحدود الدولية و جعلت شعوب الأرض في تواصل مستمر و دائم مع بعضها. هذه الثورة أثرت و تؤثر بشكل سلبي على الكيان السياسي التركي بطريقتين؛ الأولى: أنها تفضح الجرائم التي ترتكبها الحكومة التركية بحق شعب كوردستان و العلويين و الأقليات الدينية و القومية في تركيا و تكشف الإضطهاد و خرق حقوق الإنسان الذي يتعرضون لهما. الطريقة الثانية هي من خلال توعية الشعوب و الأفراد التي تقوم بها هذه الثورة المعلوماتية و الإتصالاتية من إنترنت و فضائيات و موبايل و التجمعات الإقتصادية و السياسية و حرية و سرعة إنتقال الرأسمال و الأفراد و زيادة التواصل و التلاقح بين الأفراد و الشعوب و الجمعيات و الثقافات و تشابك المصالح و تلاقيها. هذه الثورة الإنسانية الكبرى لا تدع النظام التركي أن ينفرد بالشعب الكوردي في الشمال و العلويين و غيرهم، و أن يخنق صوتهم بعيداً عن أنظار العالم. من جهة أخرى فأن العولمة تُزيد من الوعي القومي لهؤلاء المضطهدين و الذي يدفعهم الى زيادة وتيرة نضالهم لتحقيق أهدافهم في الحرية و التمتع بحقوقهم. كما أنّ العولمة و ثورة الإتصالات و المعلومات ستؤثر بشكل إيجابي على الإنسان التركي و تُغيّر عقليته العنصرية و غطرسته.

    ردحذف
  5. التخلف الإقتصادي و العلمي

    في الحلقتين السابقتين، تم الحديث عن أزمة الهوية والإنتماء التركية و الفكر العنصري التركي والصراع بين العلمانيين والإسلاميين ومشكلة خرق حقوق الإنسان وحرية التعبير وتراجع النهج الديمقراطي في ظل الحكم الإسلامي في تركيا والتمهيد لِترسيخ حكم فردي دكتاتوري من قِبل الرئيس التركي أردوغان. هذه المشاكل تُشكّل تهديداً كبيراً لِتركيا ككيان سياسي. في هذه الحلقة يتم التركيز على التخلف الإقتصادي والعلمي التركي الذي هو عامل مهم، يساهم في إنهيار تركيا.

    العداء التركي المتزايد للرأسمال الأجنبي في تركيا و الإنتفاضة الكوردستانية في إقليم شمال كوردستان والمشكلة السورية و إندلاع الإحتجاجات الأخيرة المناهضة للحكومة التركية التي حصلت في مدن تركية عديدة، و خاصةً في إسطنبول، والتفجيرات التي حدثت في أنقرة، دفعت الكثير من المستثمرين الى ترك تركيا، حيث أنهم لا يودون المخاطرة بإستثمار رؤوس أموالهم في تركيا بسبب الظروف غير المستقرة فيها.

    للأسباب الآنفة الذكر، لقد فقد مؤشر بورصة إسطنبول ثلث قيمته و إنخفضت قيمة الليرة التركية إلى مستويات قياسية، حيث فقدت 20 ٪-;- من قيمتها مقابل الدولار و إرتفعت عائدات السندات إلى 10% و فشل البنك المركزي التركي في وقف هذا الإنخفاض الناتج عن إخراج المليارات من الدولارات من البلاد، بالرغم من صرفه أكثر من 15% من الإحتياطي الصافي له.

    الإنكماش الحاصل في نمو الإقتصاد التركي، يفنّد إدعاء الحكومة التركية بأن الإقتصاد التركي قد تفادى الكساد الإقتصادي. يذكر السيد (ميرت يلدز)، كبير الإقتصاديين في بنك (برقان) تركيا بأن الإقتصاد التركي يواجه أزمة كبيرة و سينمو بشكل بطئ يُشبه الركود الإقتصادي لسنين عديدة. في عام 2011 إزداد العجز في الحساب الجاري في البلاد الى مستوى قياسي الذي كان مقداره 78,4 مليار دولار أي 10% من إجمالي الناتج القومي التركي و إنخفض النمو الإقتصادي من 8,8% الى 2,2%. وصلت نسبة التضخم في تركيا إلى 6.1 في المائة في عام 2013.

    كانت الأزمة الإقتصادية العالمية تؤثر بشكلٍ سلبي أكثر على الإقتصاد التركي، إلا أن التطورات السياسية التي حصلت في العراق و بلدان شمال أفريقيا ساعدت الإقتصاد التركي على الصمود، حيث أن هذه البلدان أصبحت سوقاً رائجة للمنتوجات و الشركات التركية، لا سيما في جنوب كوردستان و العراق، حيث عقدت الحكومة التركية إتفاقيات مجحفة مع حكومة جنوب كوردستان، من خلال الضغط السياسي و العسكري، و تقوم بشراء البترول و الغاز الكوردستاني بأسعار رخيصة جداً قياساً لأسعار النفط و الغاز في الأسواق العالمية.

    في محاولة لِتضليل الرأي العام التركي والإقليمي، تنشر الحكومة التركية والإسلاميون السائرون في الفلك التركي، معلومات كاذبة ومضللة عن الإقتصاد التركي للإستدلال على نجاح الحكم الإسلامي. لذلك أود هنا أن أشير الى بعض الحقائق عن الإقتصاد التركي لفضح أكاذيب حكومة أردوغان وحلفائه. الناتج القومي لتركيا عام 2013 لم يكن ترليون ومائة مليار دولار كما تدّعي الحكومة التركية، بل كان 819,4 مليار، وهو لا يساوي
    مجموع الناتج المحلي لأقوى إقتصادات ثلاث دول في الشرق الاوسط ايران والسعودية و الإمارات فضلاً عن الأردن وسوريا ولبنان، حيث أن الدخل القومي الإيراني كان 489,6 مليار والسعودي 748,4 مليار دولار في عام 2013 وهذا يعني ان الناتج القومي الإيراني والسعودي كان 1238 مليار أي أكثر من الدخل القومي التركي بنسبة أكثر من 50%. لو كانت إيران لم يُفرض الحصار الإقتصادي عليها ولم يتم إستنزاف إقتصادها على التسلح والمساعدة المقدمة لكل من النظام السوري وحزب الله وحكومة العراق واليمن والفلسطينيين، لَكان دخلها القومي أكثر من تركيا. كما يجب الإنتباه الى أنه لا يمكن المقارنة بين إقتصاد بلد صغير مع إقتصاد بلد كبير مثل تركيا وفي هذه الحالة يمكن مقارنة الإقتصاد التركي مع الإقتصاد الإيراني في المنطقة. تركيا تحتل المرتبة 18 في العالم من حيث الدخل القومي والمرتبة 77 من حيث حصة الفرد من الدخل القومي.

    ردحذف
  6. التخلف الإقتصادي و العلمي مهدي كاكه يي

    كيف يكون الدخل القومي التركي أعلى من الدخل القومي الفرنسي كما تدّعي تلك المعلومات المضللة؟!! الدخل القومي الفرنسي في عام 2013 كان 2806 مليار دولار والذي هو 3,4 مرة أكثر من الدخل القومي التركي وأن حصة الفرد الفرنسي من الدخل القومي في عام 2013 كان 43520 دولار أي ما تعادل تقريباً 4 أضعاف حصة الفرد التركي. تحاول التقارير التركية والإسلامية تضليل الرأي العام التركي والإقليمي، حيث أنها تذكر بأن تركيا غير مُدينة لأحد، بل أنها أقرضت البنك الدولي مبلغاً قدره 5 مليارات دولار، في الوقت الذي بلغت الديون التركية للدول والمصارف الأجنبية في سنة 2013 388,2 مليار دولار أي ما تعادل 47% من الدخل القومي التركي. يدّعون بأن مطار إسطنبول هو أكبر مطار في أوروبا، وهذا غير صحيح، حيث أنه رابع أكبر مطار في أوروبا.

    إن تقدم البحث العلمي في أي بلد هو من أهم الشروط المحددة لتقدم ذلك البلد و تطوره و أنه من أهم مستلزمات و متطلبات تطور البلدان و رفاهية شعوبها، غير أنّ (تركيا) لا تزال تفتقد الى الإيفاء بهذا الشرط الأساس لتستطيع مواكبة الدول المتقدمة، حيث أن تركيا هي من الدول المتخلفة في هذا المجال و تفصلها عن الدول الصناعية المتطورة مسافات طويلة. على سبيل المثال، هناك 70 عالِماً لكل عشرة آلاف شخص في الدول الغربية، بينما يقابله سبعة علماء فقط في تركيا. في الدول المتقدمة، يتم تخصيص نسبة تتراوح بين 1 و 3% من الدخل القومي للأبحاث العلمية، بينما تبلغ هذه النسبة في (تركيا) 2 في الألف (0.002). يُشكل البحث العلمي في مجال القطاع الصناعي في الدول الغربية 70% من البحوث، بينما لا تتجاوز هذه النسبة 10% في تركيا.

    ردحذف

إرسال تعليق